الخميس، 11 فبراير 2010

حــــفــــلة الــــبطاقات



في كل يوم تخرج لنا ظاهرة جديدة تتركنا بمزيد من الحيرة والاستغراب لما تخرجه لنا عقول البشر من أفكار غريبة ، لترسل عقولنا إلى مالا يخطر على قلب الإنسان العاقل ، حتى أصبحنا لا نؤمن بالمنطق السليم والعقل الصحيح ونعتبره شيئا من التعقد والتزمت احتجاجا بالواقع والبعد عن المثالية ، يا لها من دنيا غريبة حين يصبح العقل مثالية والجنون واقعا !!!

إن ما نشهده اليوم في أعراسنا من إسراف وتبذير لا يخفى على ذو البصيرة مما نبه به بعض الجهات لدق ناقوس الخطر حين أعلنت بعض الصحف المحلية في إحدى دراساتها أن ما ينفقه الإماراتيون في حفلات الزفاف فقط تتراوح سنويا بين مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار ( 8-11 مليار درهم)!!

فأي إسراف أكثر من ذلك لشعب لا يتجاوز عدد أفراده الثمانمائة ألف نسمة ، ينفق ما يتجاوز ميزانية بعض الدول على تفاهات بدافع التفاخر والتباهي أمام الناس ، ففي كل يوم لنا بدعة جديدة في عالم الأعراس لتزيد من هذه التكاليف التي تثقل كاهل المجتمع متمثلا في أفراده من الشباب الذين باتوا يعزفون عن كابوس أسمه الزواج كما يسميه أحد أصدقائي المقبلين على الزواج ، حتى بات شبحا يخاف منه الشباب الصغار قبل الكبار ، خوفاً من الدخول في قائمة المطلوبين لدى البنوك ، فأصبح على الشاب خياران لا ثالث لهما ، فإما أن يتزوج مبكرا في العشرينات ويغرق في بحر الديون ، وإما أن ينتظر إلى سن اليأس وقد جمع "حوشة العمر" ليفنيها في ليلة واحدة !!

ولقد تطور الزفاف في زماننا اليوم حتى أصبح الزواج أشبه بالمهرجان متعدد الفعاليات ينقصه الرعاة وحفل الافتتاح وإلا فإنه متعدد الأماكن والأيام والحفلات والرقصات الشعبية من جميع الثقافات ، ومن أعجب ما سمعت عن أعراس هذا الزمان أن هناك من يقيم خمسة احتفالات تتفاوت أسعارها بين عشرة آلاف ومائة آلف درهم ، فمن حفلة الخطوبة إلى حفلة عقد القران إلى حفلة ( الحنة ) إلى حفلة ( الزفاف الرئيسية ) وآخر ما سمعت من العجائب قبل أيام حفلة ( لتوزيع بطاقات العرس ) ،،،

وما نعرفه أن توزيع البطاقات هي دعوة لحضور حفلة الزفاف ، ولكن في زمن التقلبات انقلبت الآية ، فأصبحت الحفلة لتوزيع البطاقات ،،، والله يستر مما تخبئه لنا العقول ،،،

فالقضية هي ليست قضية حفلة وانتهى الأمر عند هذا الحد ، ولكنها مسألة طريقة تفكير وقياس للأمور والموازين المختلة ، وليست مسألة أموال فحسب ، ولكن أين تصرف هذه الأموال ؟ ( لا تسرف ولو كنت على نهر جار ) ( عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ) فاعتقادي أنه يجب أن تقام دراسات نفسية من أهل الاختصاص ووزارة الشؤون الاجتماعية لهذه الظاهرة ، والنظر هل تصنف ضمن قائمة الأمراض النفسية؟ أم شعور بالنقص ؟ أم غير هذا وذالك ؟ ...

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم ان هذا الموضوع من صميم واقع مجتمعنا وهو الذي يشغل شبابنا هذه الايام الله المستعان وجزاك الله خيرا

    ردحذف
  2. الله يهدي مجتمعا ، في نظري أن حب التفاخر و المظاهر بين الناس هو السبب الرئيسي للإسراف، فينبغي على الإنسان أن لا يهتم لكلام الناس ، لأن الناس سيتكلمون سواء أأسرف أم اقتصد.

    ردحذف